الرقص في الحُلم داخل حُلم

صورة
    أحيانًا، لا يوقظنا من غفلتنا سوى حُلم . ليس كأحلام الليل العابرة، بل حُلمٌ نلمح فيه وجهًا رقيقًا، كأنّه من نسـج نسمة .  في هذا الحلم، تُعاد ترتيب الذاكرة، ويُجرَّب الإحساس من جديد . تطلّ الرعاية، ويُزهر الحب، وتتكشّف ملامح الجمال كما لو أنها تولد للمرة الأولى . هنا، استراحةُ الروح على عتبة التحول، قادمٌ من مكان ناعم بين النوم واليقظة …   عاد لي وعيي وأنا واقفة أمام المرآة أرتدي فستانًا كحليًّا من القطيفة، بأكمام طويلة وملمس ناعم يحتضنني كأنني عروس الوقت كنت في أبهى حُلّتي، والشمس كانت على وشك المغيب، ضوؤها البرتقالي يغسل وجهي، وينسكب على الفستان كما تنسكب الذكريات على الروح استدرت نحو الباب كان هناك رجل يحمل طفلًا بين ذراعيه، ويقول بصوت رصين حنون : " لا بأس، لا تستعجلي… جميعنا في الأسفل بانتظارك ." ثم خرج. وأغلق الباب خلفه بلطف " جميعنا؟ " تكررت الكلمة في داخلي كصدى بعيد وبطريقة لم أفهمها، عرفت أن هذا الرجل هو زوجي… وأن هذا الطفل هو ابني لكنني لم أكن أتذكّر شيئًا: لا متى تزوّجت، ولا متى أنجبت، ولا كيف مرّت كل تلك الأيام بقيت واقفة أمام المرآة أنظر إلى الفستان، و...

رسالة من غَرَق.





عدت إلى المنزل الساعة الثالثة بعد الزوال منهكة بعد قضاء اربع ساعات في صالة انتظار احد الشركات التي تقدمت عليهم بطلب وظيفة ، كنت قد خسرت عملي الشهر الماضي جراء تغييرات في مجلس إدارة الشركة التي كنت اعمل بها.
اخرجت قميص نوم حريري اسود من خزانة الملابس ارتديته وتمددت على السرير كنت اشعر بالإرهاق وألم ممتد من منتصف ظهري حتى أسفل قدميّ - هذا ما جناه عليّ الكعب -
أخذت أحدق في سقف الغرفة وأتذكر الخمس سنوات ونصف التي قضيتها في العمل مساعدة محرر في قسم العلاقات العامة كنت قد بنيت لي عالمًا يتمحور حول ذلك المكان بكل تفاصيله ولكن هكذا هو عالم الأعمال سهولة الاستغناء فيه تفوق اي شي اخر عندما يتعلق الامر بمصلحة اصحاب القرار .
ثم شردت في تفاصيل المقابلة التي أنهيتها للتو واستشعرت قلقا من مجهول يتربص بحياتي
هذه المقابلة السادسة ولم يتصل بي احد حتى الان من اجل العرض الوظيفي ،بدأت اقلق الفواتير تتكدس والنقد بداء ينفذ ، لا بأس قلت سأستطيع تدبر امري حتى نهاية اغسطس ولكن بعد ذلك انا حقًا لا اعرف
٣٠ اغسطس سأكمل عامي الثاني بعد الثلاثين آمل أن أستطيع تدبر امر العمل قبل حلول ذلك اليوم .
شتت انتباهي رنين جرس المنزل لا اتذكر انني بنتظار احد في هذا الوقت ،كنت منهكة لدرجة انني تجاهلته ثم أعطيت نفسي هنية استشعر جسدي وهو مسترخي أذعنت فيها لصوت المروحة الكهربائية المعلقة في سماء الغرفة واستسلمت للنوم ، اربع ساعات بعد ذلك استيقظت على هزيم الرعد وانقطاع الكهرباء في آن واحد ،في ظلام دامس نهضت وأخذت ابحث عن شمعة داخل درج منضدة الزينة وأخيرا عثرت على واحدة اشعلتها وفتحت ستائر النافذة كنت اشاهد البرق خلف غيوم كثيفة معلناً عن ليلة ماطرة أتمنى أن لا يدوم انقطاع الكهرباء فيها طويلاً .
تذكرت رنين الجرس قبل أن أغط في النوم وتوجهت سريعا نحو الباب فتحته وبقيت واقفة استنشق رائحة المطر المنعشة وأراقب بحنين زخات المطر الممتزجة بضباب المساء حول الأنوار الأمامية لبعض السيارة التي تعبر الطرف الآخر من الشارع، وما أن هممت بدخول حتى حركت أطراف أصابع قدمي اليمنى طرد غامض أخذته ودخلت إلى الداخل فتحته كان بداخله ظرف مغلق بشمع مختوم ،يا للعجب من مازال يرسل رسائل ورقية هذه الأيام! قلت وانا افتح الظرف الذي لم يكن مكتوب عليه شي ،غير آبهة بتفاصيل الختم الذي كان يحمل اسمي اخرجت الرسالة وجلست بالقرب من ضوء الشمعة الخافت وبدات أقرأ
( إني يا من سكنتي وجداني منذ اول لحظة التقينا فيها حتى هذا اليوم حتى بعد عام ونص العام منذ افترقنا
‏ما زلت اذكر كل تفاصيلك بوضوح
واحنُّ لكِ
‏لكل مرة دفنتي فيها وجهك في صدري هروبًا من الخذلان
‏وكل عناق منحتيني إياه وانا في امس الحاجة اليه
‏لضحكاتك المتناثرة وبهجتك الدائمة
‏لرائحة عطرك على ملابسي وملمس بشرتك الرقيقة
‏احنُّ بكل جوارحي إليك
‏أني منذ افترقنا رغم كل محاولاتي البائسة
‏أصبحت لا اجدني لا اعرفني وكأنني شخص آخر
‏وكلما حاولت النسيان
‏داهتني ذكراكِ مع كل قطرة مطر مع كل صلاة سفر
انا يا حبيبتي اغرق في صمتي الحزين
‏محاولا البقى على قد الحياة بين الحين والحين
افتقدك كثيراً وأحبك ..
٤-٧-٢٠١٦
زين )
انتهيت وضعت الرسالة إلى جانبي برفق ،داهمني إشتياق خانق فأجهشت بالبكاء
شعرت بتعب تلك المرحلة من حياتي ينسكب عليّ دفعة واحدة
ورغم انني كنت متماسكة طوال الفترة الماضية الا انني انهرت أمام رسالة وضوء شمعة !
تمنيت لو انه موجود اريد بشدة أن اسند راسي على صدره واكمل عاصفة البكاء وانهيها على غفوة بين ذراعيه
عادت الكهرباء مع احتراق آخر طرف من الرسالة ،أخذت اتنفس الدخان المنبعث في الهواء بهدوء شاردة و مدركةً انني فعلت ما يجب وتجاهلت ما اريد وحسب .
—انتهى —

تعليقات

  1. ‏‎قد نخسر اشياء كثيرة في الحياة ولكن في لحظة يعوضنا الله عوضا يليق بقلبونا كأنه يخبرنا بأن دروب الأمل لا تندثر وأن الخير سيتبعنا ويصنع من أحزاننا مفاجآت سعيدة تنسينا كل مامضى لقلبك سعادة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوم ميلاد سعيد لي

عِناق من فراشة ضاحكة

في بطني، بلورة كريستالية