الرقص في الحُلم داخل حُلم

ـ رحلت ـ
لا أتذكر ملامحها ولا لون بشرتها ولا صوتها ولا طريقة كلامها كل ما اتذكره انها كانت تبقى معي لفترات طويلة عندما كنت طفلة حديثة الولادة كانت تعتني بي تهدئني عندما ابكي وتحرص على ان اعود للنوم بقيت معي مدة لا اعرفها ولكنها كانت كافية من أجل ان تصبح هي مرادفة لمعنى الأمان بنسبة لي
ثم رحلت !..
-تمضي الحياة –
ومنذ أصبحت مدركة لوجودي في هذا العالم وانا ابقي مسافة آمنة بيني وبين كل الأشخاص الذين احبهم حتى الأشياء والأماكن كنت في غاية الحيادية لا اتعامل بشكل جدي وواضح مع رحيل الأشخاص ولا انتقال من مرحلة الى مرحلة كل ما كنت افعله هو النوم عميقا لفترات طويلة حتى اجد نفسي ببساطة منخرطه في واقع مختلف
ومع مرور الوقت أدركت أن هناك في داخلي يقبع شيء لا اعرف ماهيته ولكنه يخيفني
وأخذت ببساطة تمضي الحياة
حتى أحببت لأول مرة في حياتي ثم تبدد ذلك الحياد كله رحت ارغب حقا في ان افسح مجال لذلك الرجل رغبته بشدة اردته ان يكون قريبا مني حد التذاوت
ولكن نفسي كان لها رأي آخر جعلتني دون وعي مني اتعلق به
ولأنها تعرف قوانين التوازن كانت تعرف انه لن يصمد امام تعلقي لن يستطيع هو ذلك حتى لو أراد
ثم هجرني تركني مع ذلك الامر الذي عشت حياتي كلها اتحسسه في داخلي ولكني اهرب منه
دخلت في حالة من الانكار والرفض ، بكيت كثيرا عرفت معنى العذاب
ومع مرور الوقت رحت اعتاد عدم وجوده ولكني كنت في لحظات كثيرة أتفقد كل شيء حولي وكأن شيء غاية في الضرورة مفقود
كنت ساخطه عليه بشده اردت له في لحظات كثيرة ان يتذوق رشفة واحدة من هذا العذاب الذي يهلكني
-مرة تلو مرة -
ورغم انني عدت لحالة الا مبالاة التي لطالما عرفتها
الا اني أصبحت اُخاف من حالة الفقد تلك بعد ان جربتها اكثر من السابق
ولان كل ما نخافه يظهر لنا أخيرا
رحت اتعمق في فقد الأشياء وادخل في عمق ذلك الشعور المرير وكان نفسي تأكد لي مرة تلو مرة انني كلما أحببت شيء ووهبني شعور الأمان ستجعلني اتعلق به حتى اخسره بعد ذلك
تكرر ذلك الحدث بتسلسله مرات عديدة حتى اصبح معتقد راسخ بكل أفكاره ومشاعره
قلق وجودي ممزوج بخيبة الامل والإحباط
رحت امارس على اثرهم العنف على نفسي أولا واسقطه على كل من آمنه
حتى يفر هاربا واعود لما اعتدت أنا عليه من حياد
ـ ارض الدموع -
لزمن طويل كنت امارس كل هذا الاضطراب على غير وعي مني وعندما ادركته
تأملته بعمق
اغمضت عيني و رأيت طفلة لا تتعدى الخمسة أعوام تجمع الدموع في زجاجة وتدفنها في أي ارض تلقاها
وعندما اشتدت العاصفة واخذ الثلج يتساقط بغزارة رأتني واقفة امامها تجاهلتني وراحت تمشي حتى اعلى الجبل
دخلت منزلا مهجورا وتركت الباب مفتوحا
تبعتها وأغلقت الباب وبادرة بمحاولة تدفئة المكان
بحثت عنها في كل مكان ولكني لم اجدها وتأكدت ان لا احد بالمنزل
شعرت انني محاصرة لن استطيع الخروج الان
لذا بقيت هادئة اغمضت عيني وادركت انني حقا لا اعرف اين انا
ثم سمعت صوتا قادما من القبو
فتحت عيني ونهضت اتجهت مباشرة الي باب القبو
كان باب القبو مواربا ورايتها تمشي ثم فتحت الباب وبقيت اراقب حركتها من الأعلى
اخذت تمشي من اقصى اليمين جهة النافذة العلوية المطلة على الشارع الى اقصى اليسار بقرب اسفل الدرج الذي كنت اقف أعلاه المكان باردا جدا هنا
نزلت بعض خطوات وجلست على الدرج
خاطبتها
" ما هو اسمك؟"
توقفت عن المشي والتفت الي ورمقتني بنظرة يعلوها الشك
ثم عادة للمشي
" اين بقيت سكان المنزل ام انك هنا لوحدك " تجاهلتني ببساطة
نزلت واقربت من النافذة كان مازال الثلج يتساقط رأيت شجرة ارز عملاقة كانت قد اكتست بالون الأبيض
جلست على كرسي بالقرب من النافذة
وقلت
"يمكن ان ابقى معك الليلة ان اردت انتِ ذلك "
اقتربت مني وقالت " وغداً! سترحلين مثل ما رحلت صوفيا "
ثم أكملت ساخرة " يمكنك الرحيل الان ان اردت انتِ ذلك "
جلست على الكرسي المقابل لي واخذت تنظر عبر النافذة العلوية
عم الصمت لحظات ثم قلت" هل تريدي ان تخبريني عن رحيلها "
نظرت إلى عيني وقالت " هل استطيع ان اثق بك "
اجبتها " اجل يمكنك ذلك "
قالت "حسناً
بعد رحيلها دخلت في حالة من الانكار والرفض ، بكيت كثيرا عرفت معنى العذاب
ومع مرور الوقت رحت اعتاد عدم وجودها ولكني كنت في لحظات كثيرة أتفقد كل شيء حولي وكأن شيء غاية في الضرورة مفقود
كنت ساخطة عليها بشده اردت لها في لحظات كثيرة ان تتذوق رشفة واحدة من هذا العذاب الذي يهلكني "
اخذت تبكي ثم اكملت
" ولشدة هول ذلك الشعور رحت أبكي وأجمع الدموع في زجاجة ثم ادفنها في الأرض "
-عناق ابدي-
انصت اليها بحرص حتى انتهت ثم
عانقتها بشدة حتى ادخلتها في جوفي
رحت احكي لها كل الأسباب التي من اجلها تستحق ان تكون سعيدة
-ما آل إليه الأمر -
أصبحت اشعر برقصاتها مع كل نبضة اسمع صوت ضحكاتها مع كل نفس وعندما اضع يدي على صدري تقفز فرحا تنشر حباً يسري في الوجود.
والفضفضه بُكاء الحديث في قاع الزجاجة ولكنى مازلت أحاول وأركضُ لا ايأس ولا استسلم
ردحذف