الرقص في الحُلم داخل حُلم

صورة
    أحيانًا، لا يوقظنا من غفلتنا سوى حُلم . ليس كأحلام الليل العابرة، بل حُلمٌ نلمح فيه وجهًا رقيقًا، كأنّه من نسـج نسمة .  في هذا الحلم، تُعاد ترتيب الذاكرة، ويُجرَّب الإحساس من جديد . تطلّ الرعاية، ويُزهر الحب، وتتكشّف ملامح الجمال كما لو أنها تولد للمرة الأولى . هنا، استراحةُ الروح على عتبة التحول، قادمٌ من مكان ناعم بين النوم واليقظة …   عاد لي وعيي وأنا واقفة أمام المرآة أرتدي فستانًا كحليًّا من القطيفة، بأكمام طويلة وملمس ناعم يحتضنني كأنني عروس الوقت كنت في أبهى حُلّتي، والشمس كانت على وشك المغيب، ضوؤها البرتقالي يغسل وجهي، وينسكب على الفستان كما تنسكب الذكريات على الروح استدرت نحو الباب كان هناك رجل يحمل طفلًا بين ذراعيه، ويقول بصوت رصين حنون : " لا بأس، لا تستعجلي… جميعنا في الأسفل بانتظارك ." ثم خرج. وأغلق الباب خلفه بلطف " جميعنا؟ " تكررت الكلمة في داخلي كصدى بعيد وبطريقة لم أفهمها، عرفت أن هذا الرجل هو زوجي… وأن هذا الطفل هو ابني لكنني لم أكن أتذكّر شيئًا: لا متى تزوّجت، ولا متى أنجبت، ولا كيف مرّت كل تلك الأيام بقيت واقفة أمام المرآة أنظر إلى الفستان، و...

رائحِة المِسْك المُنبعِثة من جسدي

                                          موسيقى الخريف   


الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل عدت الى المنزل متأخرة هذا اليوم بسبب اضطراري لأنهاء بعض الاعمال الطارئة في محل الحلويات الذي اديره واعمل به منذ سنة ونصف، قمت بتقديم الطعام للقطط معتذرة لهما عن تأخري عن موعد طعام هذا اليوم ، دعبت فروهما اللطيف وهما يأكلنا بنَهَمَ ، ثم انصرفت لذاتي شرعت في طقوس الاستحمام ، قمت بتجهيز قميص مشمشي اللون قصير وجوارب طويلة لمنتصف الساق وضعتهما على السرير ووضعت بجانبهما الكولونيا وبودرة الجسم وعطري بخلاصة المسك ،قمت بتشغيل موسيقى الخريف على تطبيق اليوتيوب في الكمبيوتر واشعال شمعة ثم أخرجت روب الاستحمام وأتجهت سريعا إلى الحمام ،حظيت باستحمام هناء ولطيف و ما أن انتهيت حتى شرعت في ارتداء ملابسي ووضع البودرة على كافة ارجاء جسدي ثم تعطرت أخيرا وبدأت في مشط شعري المجعد وتصفيفه على شكل جديلتين 

وقبل أن انتهي من ضفر الجديلة الثانية سمعت طرقاً على باب الغرفة الذي كان مغلقا من الداخل 

توقفت عن الضفر ثم اجبت "من الطارق! "

لكن ما من مجيب ..

اكملت سريعا وتذكرت أني لم أرى أحد من اخوتي عندما عدت الى المنزل ولم اسمع صوت الباب الخارجي للمنزل وهو يفتح ثم أن الطرقة غريبة ليست ممَ عهدت على سماعه عند طرق احد افراد عائلتي للباب 

كانت نص دقيقة طويلة مليئة بالتساؤلات، انتهيت من جديلتي ونهضت لفتح الباب 

فتحته ، واندفع كم هائل من الهواء بتجاهي كان قويا لدرجة انني اضطررت لإغماض عيني غير قادرة على رؤية أي شي في تلك اللحظة ورغم شعوري بالفزع إلا أني قررت لن اقاوم ،استسلمت وحسب 

فتحت عيني بعد ذلك لأرى انني لست في غرفتي لست في المنزل !

كنت في غابة يكسوها عشب اخضر وبعض الأشجار العملاقة لم تشرق الشمس بعد ومع ذلك انا قادرة على رؤية كل شي بوضوح ، في البداية لم اشعر براحة كوني اتنقل في الغابة مرتدية قميص قصير الا انني بعد ذلك شعرت بالأمان وكأني في المنزل 

أخذت ألمس كل ما أصادفه بيدي اليمنى أريد أن اخلد هذه اللحظات في ذاكرتي إلى الأبد وعندما انعطفت خلف شجرة عملاقة رأيتُ باب غرفتي ! اتجهت اليه سريعا ثم طرقت الباب 

لحظات بعد ذلك فتح الباب

ورأيتني واقفه امامي داخل الغرفة ! 

تجمدت مكاني في الغابة 

"لحظة كيف حدث ذلك لماذا انا هنا وهناك " قلت في نفسي محاولة استيعاب ما الذي يحدث !

ثم استسلمت مجددا تركت محاولاتي للاستيعاب جانباً ثم رحت اقترب مني وعندما أصبحت واقفه امامي مباشرة اخذت انظر الى ملامح وجهي وكأنني اراها لأول مرة ! هل انا فائقة الجمال لهذه الدرجة ؟ لماذا لا ارى وجهي بهذا الوضوح والكمال في المرآة؟ اوقفتني رائحة المسك المنبعثة من جسدي مع نسمات هواء الغابة العليلة عن التفكير أعطيت نفسي لحظات اسمح فيها لهذا الجمال لأن ينساب إلى ذاكرتي إلى وجداني ، لحظات بعد ذلك 

ادلفت من الباب عبرت من خلال جسدي الى داخل الغرفة لأجد نفسي في مصعد كهربائي 

ثم اغلق من الخارج وبدأ يصعد بسرعة جنونية في البداية

ورغم أن المصعد مغلق بالكامل إلا أني كنت قادرة على رؤية كل ما هو بالخارج ، الغابة ، باب غرفتي ، تجمع بعض الرجال في طرف الغابة بعد الخروج من المسجد بعد ان انتهوا من اداء صلاة الفجر ، مزارع متراصة بشكل غاية في الجمال، قطيع من الأغنام وهو يستهل يومه بالأكل من تلك المزارع ،منازل متجمعة في الجهة الجنوبية للغابة .

ثم لاحظت الحركة الغريبة للمصعد فهو يصعد حد معين ثم يعاود الصعود من نفس النقطة التي بدء منها وكأنه يسير في حلقة دائرية إلى الأعلى

بعد ذلك اخذ يتوقف ليدخل اشخاص غرباء ،أطفال اغلبهم وشيوخ طاعنون في السن ويخرجون ويدخل آخرون ثم يعاود الصعود 

كنت انتظر لحظة أن يحين دوري للخروج لذلك بقيت في المصعد بينما اخذ هو يصعد ويصعد و يصعد حتى توقف الأشخاص عن الدخول والخروج وبقيت هناك بمفردي انتظر بصبر .

ورغم أن انتظاري بدا لي وكأنه دَهْر من الزمن الا انني بقيت انتظر ادركت للحظة اني ليس لدي خيارات غير الانتظار في هذه الدائرة المفرغة

توقف المصعد أخيرا عند نقطة شعرت فيها برغبة شديدة بأن يتوقف وحسب .

وعندما خرجت منه سمعت صوت موسيقى الخريف التي اعتدت سماعها ووجدت نفسي امام بحيرة لونها فيروزي خلفها جبل ينهمر منه شلال صغير لونه مشمشي يتصاعد منه بخار خفيف ،كان الماء صافي لدرجة انه يأخذ لون أي شي خلفه 

عندما دخلت إلى ذلك المكان عرفته 

عرفت أني لو مشيت بضع خطوات أخرى سأرى اريكة 

لونها ابيض يكسو أطرافها نقوش كلاسيكيه عتيقة ذهبية اللون ويمتد على قوائمها بعض النباتات المتسلقة 

تقدمت إلى الامام ورأيت الاريكة على جانبي الايسر بنفس الألوان ونفس النقوش ونفس النباتات ! ابتسمت ابتسامة اليقين عندما يتحقق

تلك الاريكة التي لطالما جلست عليها لا اعلم متى ولا كيف ولا من اين ولكنني اعرفها 

لطالما قفزت فوقها فرحا

لطالما تمددت فوقها واخذت اتنفس الصعداء

بخطوات واثقة اقتربت من الاريكة 

لمستها بأطراف يدي اليسرى ثم جلست وبدأت اتأمل البحيرة

تلك البحيرة التي تحمل في اعماقها كل اسراري 

التي لطالما قصدتها محملة بكل ما ليس مني ثم انتزعته برفق مني 

تلك البحيرة التي عكست لي منتهى الجمال في داخلي 

التي اعادت لي اتزاني .

ورغم أني جالسه في مكاني الا أني بدأت اشعر بجسدي وهو يطفو اعلى البحيرة 

اخذت انفاساً عميقة ونهضت وبدأت اسير بخطوات خفيفة في ذلك الدرج المبني من الحجر

الممتد من امام الاريكة حتى منتصف البحيرة 

وعندما غمرت المياه النصف السفلي من جسدي شعرت بنشوة تسري في كامل جسدي لم اشعر بمثلها في حياتي من قبل، اغمضت عيني مددت يدي للخلف استسلمت بالكامل لذلك الشعور بدهشة والسعادة والاطمئنان 

فتحت عيني بعد ذلك وكنت واقفه امام باب غرفتي!

" يا اللهي ما الذي حدث للتو!" تلفت ثم اردفت "من طرق الباب ! " 

عدت للغرفة في حالة من الذهول ورأسي مليء بالأسئلة ، لا أتذكر أي شيء ولكن جسدي كان مرتاح ومنتشي بطريقة غير مألوفة

شعرت بسعادة وطمأنينة تحفني من كل جانب ... 

تمددت على السرير واغمضت عيني برفق واخذت أرى 

ضوء يسير في حركة دائرية إلى اعلى

 

ثم سقطت في النوم.. 

تعليقات

  1. يحكى أن بحيره تعكس لنا بنوره ملامحنا هادئة هناك كلمات تظل عالقه داخلنا تروينا لعمق مكانت كالبحر من السعاده تظهر على ملامحنا كغصن مثمر تحت جذوره شلال ماء

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوم ميلاد سعيد لي

عِناق من فراشة ضاحكة

في بطني، بلورة كريستالية